وصف الكتاب:
شغلت الدولة العثمانية مدة زمنية تناسبت ومساحتها الجغرافية، فكادت تكون الأكبر والأطول في تاريخ الدول والإمبراطوريات؛ إذ بلغت مساحتها وهي في أوج قوتها وتوسعها ما يزيد عن أربعة عشر مليون كم2، فلفتت أنظار العالم سياسياً ودينياً، لذلك كثر دارسوها والمهتمون بشؤونها، فبرزت دراسات وبحوث تاريخية متعددة ومختلفة، عكست وجهات نظر متباينة، فالأوربيون وجدوا في تلك الدولة مصدر قلق، شدَّ انتباههم لأجيال متتابعة، فكتبوا عنها تحت وطأة تلك الهواجس، ووجد بعض المسلمين أنها حاميتهم وممثّلهم الشرعي، فنسجت أقلامهم ما قدمه العثمانيون للإسلام والمسلمين، وظهر من بين الاثنين مَن كتب بإنصاف وموضوعية وحيادية، يمكن أن تُعتمد كتاباتهم للوصول إلى الحقائق التاريخية. وتُعَدّ مدة حكم السلطان سليمان القانوني واحدة من أهم الحقب الزمنية في تاريخ الدولة العثمانية، بالنظر لما حفلت به من أحداث وتطورات، حتّى وصلت الدولة في عهده إلى قمة عظمتها وأوج قوتها، لأنه سار على سياسة، لم تشهدها الدولة من قبل حينما وسّع نفوذ دولته في أوربا وفي آسيا وإفريقيا، فترتّب على ذلك حدوث تطور ملحوظ في نُظُمها الإدارية والسياسية والعسكرية والاقتصادية. تكمن أهمّيّة دراسة "العلاقات العثمانية الفرنسية 1520-1566م"، في كون تلك المدة مهمة بالنسبة للتاريخ العثماني بشكل خاص، والتاريخ الإسلامي بشكل عام، لما شهدته من أحداث وتطورات، فأوجد السلطان سليمان في النزاع السياسي بأوربا، والمتمثل بين الإمبراطور شارل الخامس إمبراطور الإمبراطورية الرومانية والملك الفرنسي فرانسوا الأول، والصراع الديني القائم في تلك المدة والذي أحدثه المصلح مارتن لوثر فرصة في ضرب أوربا بعضها ببعض، لأجل أن يتفرغ هو للجبهة الشرقية وصدّ توسعات الدولة الصفوية، كذلك أراد السلطان سليمان القانوني من تلك السياسية أن ينتزع فرنسا من أحضان أوربا، وأن يؤجج الصراع بين دولها، واللجوء إليه في نهاية الأمر، لأجل أن يحكم بينهم، وهو بذلك يفرض قراراته، ويملي شروطه على المتنازعين دون الدخول في حرب ميدانية.